عززت دولة الإمارات علاقتها بالأرض عبر مسار زراعي جديد يقوم على الاستدامة، والتكنولوجيا، والتخطيط بعيد المدى، فعلى الرغم من البيئة الصحراوية والتحديات المائية نجحت الدولة في بناء منظومة زراعية ذكية تعزز الإنتاج المحلي، وتحقق الاكتفاء الذاتي تدريجياً، وتسهم في استقرار منظومة الأمن الغذائي، وهذا التحول ثمرة لرؤية استراتيجية تبنتها الدولة منذ أكثر من عقد، تستند إلى تطوير البنية التحتية الزراعية، وتحفيز البحث والابتكار، وتنمية سلاسل القيمة، وتحقيق التوازن بين الإنتاج والحفاظ على الموارد. لم تعد الزراعة في الإمارات نشاطاً موسمياً هامشياً، بل باتت تمثل مكوناً رئيسياً في سياسات التنمية المستدامة، ومحوراً أساسياً في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، وشهد هذا التحول قفزات نوعية على مستوى التنظيم والإنتاج، حيث تم التوسع في الرقعة الزراعية، وتحديث أنظمة الري، واعتماد أنماط إنتاج جديدة تتلاءم مع البيئة الصحراوية، وبحسب آخر الإحصاءات الرسمية بلغ عدد المزارع العاملة في الدولة أكثر من 33 ألف مزرعة، تتوزع بين الزراعة التقليدية، والزراعة العضوية، والمزارع المائية، ويعكس هذا التنوع تطور النموذج الزراعي الوطني وتكيفه مع المتغيرات البيئية. وبلغ إنتاج المزارع المحلية من الخضراوات سنوياً أكثر من 328 ألف طن، ومن المحاصيل الحقلية والأعلاف حوالي 435 ألف طن، بينما يصل إنتاج الفاكهة إلى ما يقارب 369 ألف طن، وتمكّن هذا النمو في الإنتاج من تغطية أكثر من 20 % من إجمالي الطلب المحلي على الخضراوات، في حين تبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل مثل الخيار نحو 80 %، ويمتد هذا التنوع ليشمل زراعة الطماطم، الفلفل، الباذنجان، الكوسا، الجوافة، الحمضيات، الموز، اللوز، التين، والسدر، إلى جانب التوسع في إنتاج التمور كمورد زراعي وتراثي واقتصادي استراتيجي.